العراقيل التي تحد من الدور الاقتصادي للتحفيظ العقاري

العراقيل التي تحد من الدور الاقتصادي للتحفيظ العقاري

الشاملة بريس: إعداد/ عمر الهواوي :دكتور في القانون الخاص

مقدمة :يعتبر العقار من الدعائم الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية ، وهو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها المشاريع التنموية والاستثمارية بل هو أداة لتحقيق الاستقرار والأمن الاجتماعيين،ولاتخفى أهمية التحفيظ العقاري في كونه يطهر العقار ، ويمنحه هوية يعرف بها من حيث مساحته وحدوده ومشتملاته ، حتى يكون المتعامل بهذا لعقار على بينة من أمره ،إلا ان هناك عراقيل تحد من الدور الاقتصادي الكبير  للتحفيظ العقاري

من جهة أخرى فان  جلب رؤوس الأموال إلى مجال العقارلن يتم عن طريق سن القوانين الاستثمارية وإعطاء إعفاءات ضريبية وحدها ،  بل يتأتى كذلك بضمان استقرار المعاملات  واستتباب الأمن والطمأنينة في المعاملات العقارية

فماهي العراقيل  التي تحد من الدور الاقتصادي للتحفيظ العقاري ؟ 

وما هو أثارها على الاستثمار العقاري ؟ 

يمكن إذن معالجة هدا الموضوع من خلال مبحثين رئيسيين

المبحث الأول :الدور  الاقتصادي للتحفيظ العقاري

المبحث التأني :العراقيل التي تحد من الدور الاقتصادي للتحفيظ العقاري

المبحث الأول : الدور الاقتصادي للتحفيظ العقاري


على المستوى الاقتصادي :يقوي التحفيظ مستوى الائتمان العقاري عبر تيسير حركة تداول العقار بواسطة البيع و الشراء وتشجيع حركة العمران عبر خلق تجزئات سكنية ، عمارات ….وتنمية الفلاحة من خلال تحديد الدوائر البورية و السقوية وتمكين الدولة من المعطيات الكافية لانجاز المخططات الاقتصادية و الاجتماعية الا ان دوره الاقتصادي البارز يتجلى في تسهيل عملية التداول العقاري وفي تنمية القروض الرهنية .

المطلب الأول : تسهيل عملية التداول العقاري

إن نظام التحفيظ العقاري بارتكازه على معلومات ومعطيات موثوق في قوتها الاثباتية ،ولايمكن التشطيب عليها او إبطالها أو تغيرها إلا بتصرف أخر، أو بمقتضى حكم نهائي حائز قوة القضية المقضية يسهل عملية التداول العقاري سواء تعلق الأمر بمؤسسات سلف أو بمستثمرين أو بمشترين .

المطلب التاني: تنمية القروض الرهنية

إن القروض أصبحت تلعب دورا هاما في الاقتصاد الوطني إذ أنها تقوم بدور فعال في زيادة الطاقة الإنتاجية و بالتالي زيادة الإنتاج و العمالة عن طريق استثمار الأموال المقترضة في مشاريع إنتاجية ذات عوائد مرتفعة، فالقروض تعتبر أهم وسيلة للبنوك لاستثمار مواردها الماليـة و عدم إبقائها جامدة، و تعتبر عوائد هذه القروض الجانب الأكبر من وراء العملية الإقتراضية أي توسيع النشاط الاقتصادي و ذلك بتحقيـق أهداف متعددة، إذ تهدف القروض إلى زيادة الإنتـاج من حيث كميتـه و نوعيته و العمل على زيادة معدلاته حتى يتحقق نمو و استقرار اقتصادي و الوصول إلى فائض إنتاجي و العمل على التصدير و التقليل من الاستيراد،وفي ميدان التحفيظ العقاري فان القواعد والمبادئ التي يرتكز عليها نظام التحفيظ العقاري –حيث يكون الرسم العقاري المؤسس اثر التحفيظ نهائيا غير قابل للطعن، ويشكل دليلا قاطعا على حق الملكية والحقوق العينية والتحملات العقارية  المترتبة على الملك، كما تكون للتقيدات  المضمنة به بعد التحفيظ قوة قانونية مطلقة خاصة لفائدة الغير حسن النية – توفر للدائنين ومؤسسات السلف أرضية صلبة وأمنا عقاريا مطلقا يمكنها من التوفر على العناصر الضرورية لحس توظيف رؤوس أموالها عن طريق التسليفات كما أن الرهون نفسها لا تنشا سوى عن طريق التقييد في السجلات العقارية وابتداءا من تاريخه

المبحث التاني : العراقيل التي تحد من الدور الاقتصادي للتحفيظ العقاري

إن اعتماد المغرب على  نظام الاختيارية في التحفيظ العقاري ،والتي تتأسس على عدم إجبار المواطنين على تحفيظ عقاراتهم، جعل نظام التحفيظ العقاري لم يشمل بعد كل العقارات الموجودة داخل ترابنا الوطني، بل نشاهد غيابا كثيرا للتحين على مستوى العقارات التي ثم  تحفيظها

والعراقيل التي تحد من  الدور الاقتصادي للتحفيظ العقاري في الحقيقة  ترجع لأسباب متعددة  أهمها مشكل عدم تعميم التحفيظ مما يجعلنا نجزم أن توحيد التشريع العقاري ببلادنا أصبح ضرورة ملحة بسبب المشاكل والصعوبات الناجمة عن تواجد نظامين متباينين عصري وتقليدي، هذه الازدواجية أصبحت تشكل عائقا أمام التنمية الاقتصادية والعمرانية –وبصفة خاصة – على صعيد الجماعات المحلية التي تسعى جاهدة الى توفير رصيد عقار لتحقيق مشاريعها التنموية

المطلب الأول :تعدد الأنظمة العقارية

إن ازدواجية بنية العقار بالمغرب وتعدد أنظمته القانونية يضعفان الحماية القانونية للمستثمرين والمنعشين العقاريين، ويشكلان حجرة عثرة أمام الولوج إلى العقار بسلاسة

 فالملاحظ ان   كافة الوعاءات العقارية بالمغرب، مزدوجة البنية، عقارات محفظة وأخرى غير محفظة، يطبق عليها نص من النصوص القانونية الخاصة، والتي يعود أغلبها إلى القرن الماضي (من 1913 إلى 1919)، حيث كان المغرب آنذاك تحت الحماية الفرنسية، وحتى النصوص طرأت عليها تعديلات  يلاحظ انها بسيطة جدا لم تغير المحتوى كاملا

و المستثمرين يبحثون دائما عن الحماية القانونية من أجل نجاح استثماراتهم بالمملكة، من خلال البحث عن وعاء عقاري خال من الشوائب، وبالتالي فإن تنوع العقارات بالمغرب يطرح عدة إشكاليات منها بالخصوص، تنوع أنظمتها القانونية، مما يجعل المستثمرين غير قادرين على استيعاب كافة هذه الأنظمة المؤطرة للوعاء العقاري بالمغرب

و مشكل الازدواجية في العقار (محفظة وغير محفظة) سيظل قائما، وذلك بالنظر إلى كون المادة الأولى من مدونة الحقوق العينية تنص على أن كل ما لم تتطرق إليه هذه المدونة يمكن الرجوع بشأنه إلى قانون الالتزامات والعقود أو اللجوء إلى قاعدة الراجح والمشهور في مذهب الإمام مالك، معتبرا أن التنوع والاختلاف في الأنظمة القانونية والبنية المزدوجة للعقارات بالمغرب لن يشجع الاستثمار بالشكل المطلوب

“وايجاد الحل الجذري لمشكلة التنوع في الأنظمة القانونية العقارية بالمغرب هو شيء شبه مستحيل، لأنها مرتبطة بمرجعية تاريخية ودينية وسياسية واجتماعية” فحاليا من الصعب توحيد النصوص القانونية والقضائية العقارية التي تطبق على أنواع العقارات بالمغرب

قد يكون احدى الحلول  هو ما جاء في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول “السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية” بالصخيرات، والتي نصت مضامينها على ضرورة السير قدما لحل مشكل الأراضي الجماعية، وذلك من خلال تمليكها لذوي الحقوق بالمجان، فهذه التوجيهات الملكية السامية هي بداية الطريق لحل مشكل الأراضي الجماعية، وبالتالي ، الانتقال إلى معالجة الإشكاليات الأخرى المتعلقة بباقي العقارات بالمغرب إضافة إلى تعميم نظام التحفظ العقاري والعمل على إزالة أهم عامل يؤدي الى تعثر تعميم النظام ويتجلى في المبالغ الواجب أداؤها للتحفيظ والتي تكون في غالب الاحيان باهضة فيصعب على كثير من الملاكين الصغار تو فيرها وبالتالي تحفيظ أملاكهم

المطلب الثاني :عدم تحين الرسوم العقارية

إن أسباب  عدم تحين الرسوم العقارية كثيرة ومتشابكة ذات تأثيرات متعددة تمس الناحية القانونية والاقتصادية والاجتماعية للعقار

من الناحية القانونية :يترتب عن عدم تحين الرسوم العقارية، إثارة حجية الرسم العقاري نفسه ،فينعكس ذلك على نظام التحفيظ العقاري، اذ يمس بإحدى مزاياه التي تتمثل في اعتبار الرسم العقاري سندا ذا قوة نهائية وثبوتية لحامله. كما ان  هذه الظاهرة لاتجعله مسايرا لواقع حركة العقار، بل تعتبر عائقا قانونيا له ،سيكون قاصرا  على تزويد المتعاملين بالمعلومات الحقيقية المطلوبة وفت التعامل .

من الناحية الاقتصادية :الرسم العقاري يفقد قوته كوسيلة لتحريك وتداول العقار في محيطه الاقتصادي، وكضمان للحصول على القروض الرهنية وتنمية المعاملات العقارية  وما يترتب عنها من نجاح مشاريع العمران والسياحة والإنعاش العقاري عموما

من الناحية الاجتماعية :تعرض ذوي الحقوق والمتعاملين إلى عدم الاستقرار مما يؤثر على الأمن العقاري ويجعل الحقوق عرضة للترامي والاغتصاب من طرف الغير ويؤدي إلى نشوب خلافات ونزاعات تتقل عمل المحاكم كما ينتج عنه ظهور حالات البناء العشوائي والتجزئات السرية .

خاتمة : ان مسألة النظام العقاري المغربي والأنظمة المتعددة التي تكونه والقوانين والتشريعات التي تنظم أحواله وأحكامه، ستبقى دائما موضوع تفكير من أجل التنمية الفلاحية. وبدون شك أنها كانت موضوع دراسات ومناظرات فيما مضى، ولكنها ، مع ذلك، لم تتوصل بعد إلى تكوين رؤية واضحة حول العناصر الحقيقية المكونة لهذه المسألة المعقدةاتمنى ان يقع هذا مستقبل خدمة للاقتصاد والوطن والفرد والمجتمع ..

شاهد أيضاً

سيدي سليمان: تهنئة بمناسبة ازدياد مولود جديد

سيدي سليمان: تهنئة بمناسبة ازدياد مولود جديد الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- البخاري إدريس ازدان فراش …

تعزية ومواساة في وفاة والد محمد برحيلة

  تعزية ومواساة في وفاة والد أخينا الأستاذ محمد برحيلة   الشاملة بريس- بالمغرب وأوربا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *